الشيخ سيدي محمد ابن الحبيب البوزيدي
نسبه : سيدي محمد بن الحبيب بن عبد الله بن أحمد بن زيدان بن الصغير بن الجيلالي بن عبّو بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد المالك بن إبراهيم بن عامر بن عثمان بن إسحاق بن علي بن سيدي بوزيد الغوث (دفين آفلو وإليه ينسب لقب العائلة البوزيدية) بن علي بن المهدي بن سفيان بن يسّار بن موسى بن عيسى بن محمد بن موسى بن سليمان بن موسى بن محمد بن عيسى بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن سيدنا الحسن السبط بن سيدنا علي بن أبي طالب وسيدتنا فاطمة الزهراء بنت سيدنا النبي محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
كنيته : حمو
لقبه : البوزيدي
ولادته : ولد سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي بجنوب مدينة مستغانم بقرية البساتين المعروفة الآن "بدبدابة" وبالتحديد بجنان "تكارلي" سنة 1824م / 1239هـ.
وفاته : توفي رحمه الله يوم الاثنين 25 أكتوبر 1909 م / 10 شوال 1327 هـ ثم دفن بزاويته في مستغانم .
أولاده : له ولدان مصطفى ومحمد"مات في حياة ابيه" وبنتا
زواياه : زاوية في مدينة مستغانم
مؤلفاته:
ديوان شعر pdf
كناش عن حياته
خلفائه:
سيدي احمد بن مصطفى ، الملقب بالعلاوي.
ترجم في :
برهان الخصوصية في الطريقة البوزيدي للشيخ العلاوي pdf
الأنوار القدسية الساطعة على الحضرة البوزيدية, لعبد القادر بن طه الملقب بدحاح البوزيدي pdf
من كراماته أنه كان سيدي مصطفى بن كريتلي المذكور سابقا أحد مريدي الشيخ البوزيدي في سفر إلى فرنسا برفقة فقير آخر وهو سيدي أحمد بن إسماعيل, فمرض سيدي مصطفى مرضا شديداً وكان سيدي أحمد بن إسماعيل يتردد على سريره مصحوبا بالأطباء عدة مرات وفي المرة الأخيرة دخل عليه مرافقا الطبيب ليقدم له بعض العلاج للتخفيف من آلامه فإذا بهما يجدان سيدي مصطفى بن كريتلي قائما على رجليه وبصحة جيدة, فتساءل الطبيب: "أين المريض الذي هو في حالة الموت كما قلت لي؟", فرد عليه سيدي بن إسماعيل: "و الله لا أدري ما أقول لك, قبل لحظات كان في حالة الاحتضار في درجة حرارة عالية وهو يئن والآن اندهشت وأنا أراه معافى", فتدخل سيدي مصطفى بن كريتلي قائلا لسيدي إسماعيل: "ادفع أجرة الطبيب واصرفه وأخبرك بالذي جرى", بعدما خرج الطبيب ذكر سيدي مصطفى بن كريتلي لسيدي بن إسماعيل ما جرى له وهو مستبشر وفي غاية الاطمئنان وهو يثني على الشيخ البوزيدي الثناء الجميل: "هل تدري من دخل علي قبلكما بوقت قليل؟ وهل تتخيل على أي مطية طوى المسافة التي بيننا وبين مستغانم؟ إنه شيخي الآخذ بيدي ملاذي في اليسر والعسر, إنه ذاك الخامل المتواضع الذي تحققت فيه العبودية لله وتحققت نسبتنا فيه, سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي دخل علي والباب مغلق فمسح على رأسي وجسمي كله وقال لي شفاك الله ولا بأس عليك وانقطعت صورته أمامي بتمام كلمة لا بأس عليك فنهضت كما رأيتني أنت والطبيب". فلما عادا المسافران إلى مستغانم أخبرا الفقراء بهذه الكرامة فتعجب الجميع وقالوا أن الشيخ لم يغادر مستغانم وأنه حظر معهم الصلوات الخمس أثناء سفرهما, وعند ذلك تكلم فقير وهو سيدي حمادي بن قارة وكان من أكبر التجار في القماش والملابس وسأل سيدي مصطفى بن كريتلي سؤال دقيق: "في أي يوم وفي أي ساعة وقع ذلك؟" فذكر له اليوم والساعة فاستطرد سيدي حمادي قائلا: "إن في هذه الساعة التي ذكرها سيدي مصطفى, دخل علينا في المحل سيدي الشيخ البوزيدي في حالة لم أعهده عليها, كان وجهه منقبضا وجبينه يتفصد عرقا وهو في حال اضطراب وقال لي: ناولني كأس ماء بسرعة فإن ولدي مريض, إن ولدي مريض, إن ولدي مريض, كررها ثلاثة مرات, فلما انتهى من شرب الماء قال: الحمد لله لا بأس عليه".
ومن كراماته أنه كان له فقير من بين الفقراء الذين حفظت لنا ذاكرة التاريخ أسمائهم, سيدي الموفق بن عمر الذي كان يسكن بقرية المحافيظ من ولاية غيليزان, فقد كان يزور شيخه سيدي البوزيدي بمستغانم ويقضي في زاويته بعض الأيام, وفي ليلة من الليالي بينما كان سيدي عمر ضيفا على الزاوية إذ بالشيخ سيدي البوزيدي يأتيه ويأمره بالانصراف إلى أهله عاجلاً, فعاد إلى قريته متسائلا لماذا أمره الشيخ بالرجوع وهو الذي كان يقضي عنده الليالي والأيام فلا يضيق الشيخ بوجوده وربما لم يعد له الحظ في صحبة العارفين بالله, أو أطلع الشيخ على شقاءه مستقبلا إلى غير من هذه الخواطر التي كانت في ذهنه حتى وصل إلى بيته في الصباح فاستقبلته زوجته معنفة له الكلام بصوت مرتفع قائلة: "كيف تتركني وحدي وقد جاء اللصوص في الليلة السابقة وفتحوا الباب واخرجوا بعض الرؤوس من الضأن فرفعت صوتي طالبة الغوث فأخذ أحد اللصوص حجرا ليضربني به فجاء رجل كبير في السن ونزع الحجر من يده ورّد المواشي إلى مكانها وقال لي: "لا تخافي إنني معك ! " وأغلق الباب وذهب باللصوص الثلاثة". وما كان اللصوص إلا من أهل القرية وقد عرفتهم زوجة سيدي الموفق بن عمر الذي حمد الله وعرف سبب انزعاج الشيخ والدافع الذي أمره بالرجوع. و لما خرج الشيخ البوزيدي في فصل الربيع للسياحة ووصل إلى قرية المحافيظ واجتمع أهل القرية عليه, اشتكى سيدي الموفق بن عمر إلى الشيخ من اللصوص الثلاثة, فسال الشيخ اللصوص هل إذا كانت دعواه صحيحة؟ فردوا عليه بأنها اتهامات من غير حجة ولا برهان, فقال لهم الشيخ: "صحيح, كما هو شرعا الحجة على من ادعى ولكن اليمين على من أنكر, فهل تقسمون بالله أنكم أبرياء من هذه الاتهامات؟", فرد عليه الثلاثة بنعم يا سيدي, وهنا كشف الشيخ أمرهم قائلا: "توبوا إلى الله ! ", ثم أشار إلى أحدهم وقال له: "أنت من نزعت الحجر من يدك والتي كنت تريد أن تضرب بها زوجة سيدي الموفق وقد أخذتكم وأنتم لا تبصرون حتى طلع عليكم الصباح... إن اليمين الغموص هو القسم بالله على الكذب في حالة التعمد فهو أقبح عند الله من هذه المخالفة, لأنه يؤدي بصاحبه إلى الرّدة وهو الكفر بالله بعد الإيمان فيحبط الله جميع أعمال الخير وتصير هباءً منثوراً, فأي المخالفة أحق, عصيان الله أم الكفر بالله؟ أتكفر بالله إن اقترفت المعصية ؟, والمعصية تُكَفَّرْ بالتوبة إلى الله تعالى, فاطلبوا العفو من أخيكم سيدي الموفق واستغفروا الله إن الله غفور رحيم", فاعترف الجميع بجرمه وتابوا إلى الله وطلبوا الصفح من سيدي الموفق وأخذوا الطريق على الشيخ البوزيدي وعاشوا وماتوا ذاكرين بفضل الله تعالى. ومن كراماته أنه كان ذات يوم في سياحة مع سيدي بوزيد بن مولاي المقدم لقرية عتبة, فلما وصلا إلى قرية من القرى لم يرحب بهما أهلها ورموهم بالحجارة وأطلقوا عليهما كلابهم ليصدوهما عن دخول القرية فابتعدا شيئا عنها وجلسا تحت شجرة ولما غربت الشمس رجع المقدم سيدي بن مولاي إلى القرية ومعه علبة كبيرة من حديد يستخدمها (كطبل) ودخل يغني بأعلى صوته قصيدة غزلية تطرب أسماع هؤلاء الغافلين عن الله فقدموا عليه وتسابقوا ظنا منه أنه شيخ السماع فجعل العلبة جنب أذنه اليمنى ونظر إلى السماء وجاب بالطول والعرض حلقة المتفرجين وهو يغني بأعلى صوته بالألحان المحبوبة لديهم, فالتفوا حوله ثم تكلم كبير القوم وقال: "أرجوك أن تسامحنا على سوء مقابلتك أول ما نزلت بنا اتهمناكم وظننا أنكم من هؤلاء الذين يأكلون أموال الناس بالباطل وباسم الدين ولم نعرف بأنك شيخ مغني الرجاء منكما أن تقضيا بعض الأيام عندنا فلنا عدة حفلات من زفاف وختان لصبياننا", فأكرموه غاية الإكرام ثم استأذنهم ليأخذ شيئا من الطعام لصاحبه وبعدما أكل الشيخ وشرب, قص عليه القصة واستأذنه للرجوع إلى القرية فقال له: "ارجع لأنهم اقبلوا عليك", فأجاب سيدي بن مولاي: "حاشا يا سيدي الشيخ بل أقبلوا على علبة من حديد فارغة". ورجع سيدي بن مولاي إلى القرية وهو يداعب عواطفهم بالأغاني الغرامية البدوية ولما رأى أنه ملك قلوبهم توقف عن الغناء قائلا لهم: "أليس من سوء حظكم وأسوء حالكم أنكم طردتم شيخا عارفا بالله من كبار المحققين صاحب الشريعة والحقيقة وكل من تعلق به وتوسل به إلى الله عز وجل خيمت عليه سعادة الدارين، وقبلتم على علبة فارغة ومغنيها فارغ فاستبدلتم العامر بالفارغ والخير بالشر والنور بالظلمات والسعادة بالشقاء والحقيقة بالأوهام؟"، فعندئذ شعر أهل القرية بأنهم قد ارتكبوا ذنبا عظيما لا تكفره إلا التوبة إلى الله سبحانه عز وجل فطلبوا من المقدم بأن يأتيهم بالشيخ فقال لهم: "والله لا أفعل بل اذهبوا أنتم إليه واستسمحوه" ففعلوا ورجعوا به إلى قريتهم وجعلوه وسيلة إلى الله وأصبحوا من الذين أنعم الله عليهم بالخير العميم.
ومن كراماته ذلك الحوار الذي جرى بين سيدي الحاج أحمد بن إسماعيل المستغانمي وصهره سيدي الحاج محمد العشعاشي التلمساني أحد مريدي الشيخ سيدي محمد الهبري المغربي وكل منهما أي المريدين يثني على شيخه بالثناء الجميل, وبما أن سيدي الحاج أحمد بن إسماعيل كان فانيا في شيخه قذف الرغبة في قلب سيدي الحاج محمد العشعاشي ليزور سيدي الشيخ البوزيدي ليطع على حاله عيانا ولا يكتفي بالسماع عنه وفعلا جاء سيدي الحاج محمد العشعاشي إلى مستغانم زائرا برفقة شخصين من كبار مقاديم الشيخ محمد الهبري وأثناء الطريق قال بعضهم لبعض: "إن زيارتنا هذه للشيخ البوزيدي على سبيل الإطلاع والفحص في حقيقة ولايته فإن كان من المقبولين عند الله المؤيدين بنصره فإنه يأتينا عند الغذاء بأكل خاص لكل واحد منا ", وذكر كل واحد منهم ما يشتهي أكله. وعند وصولهم كان في لقائهم سيدي الحاج أحمد بن إسماعيل وأتى بهم إلى الشيخ البوزيدي فرحب بهم الشيخ وضيفهم بمنزله وذهب إلى زوجته قائلا لها: "هذا سيدي الحاج محمد العشعاشي ورفيقاه من تلمسان فهل لك شيء نقدمه لضيوفنا فردت عليه بصوت عال سمعه الضيوف قائلة: "كيف تستدعي أهالي تلمسان وليس في بيتك بصلة واحدة!", فبينما هم جلوس مع الشيخ وهو يحدثهم عن عجائب قدرة الله التي لا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء وكأنه يشير إليهم على ما أبطنوه في سر أنفسهم فإذا بطارق على باب بيت الشيخ فخرج وأتى بطبق فيه أكل للذي اشترطه وجعله بين يديه وقال: "هذا لك سيدي كما طلبته" وللمرة الثانية يطرق على بابه فيخرج الشيخ ويأتي بطبق فيه الطعام المطلوب كذلك وجعله بين يدي طالبه ويقول له: "هذا لك كما اشترطته علينا" ثم في المرة الثالثة كذلك حتى وصل إلى كل منهم ما اشترطه وتحققت رغباتهم جميعا وعلموا علم اليقين أن الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي من الراسخين ومن المشايخ الكُمَّل المؤيدين بالعناية الربانية وطلبوا منه الدعاء الصالح واستأذنوا في الانصراف فدعا لهم بالخير والصلاح ثم انصرفوا. ومن كراماته أنه كان له مريد شاب صغير من أقرباءه وهو سيدي الطيب بن طه حيث كان مبتدئا في حفظ القرآن وفي ليلة من الليالي نظم حفلا كبيرا فاجتمع طلبة القرآن ومشايخ وعلماء وبدئوا بتلاوة القرآن جماعة وكان سيدي الطيب إذ ذاك لا زال لم يحفظ القرآن كله فخرج من حلقة تلاوة القرآن وجلس مع باقي المؤمنين الذين لا يقرؤون فأخذوا في لومه وتوبيخه: "أنت شريف من أبناء سيدي بوزيد ولا تجتهد في حفظ القرآن كفلان وفلان مشيرين إلى الذين كانوا في سنه, فأنت كسول لئيم تكره التعليم ولا يرجى منك خير" إلى آخره...فازداد غما على غم ولما رجع إلى البيت قال لوالدته في صباح الغد: "إني ذاهب إلى زيارة شقيقتي المتزوجة (في قرية تبعد عن مستغانم) فهل لك شيء من هدية أو زاد لأدخل على ابنتك السرور؟", فجمعت له والدته من الطعام وأخذ طريقا مغايرا متوجها إلى المغرب الأقصى وحط بطنجة حيث مكث فيها عدة سنوات وانقطع خبره ويئس أهله من العثور عليه. ثم مرت ثماني سنين, فبعث سيدي الطيب بن طه برقية إلى أخيه محمد الذي كان مقدم الشيخ البوزيدي بقرية سيدي خطاب يخبره فيها بأن الله قد فتح عليه بحفظ القرآن بالروايات السبع والتفقه في الدين ولم يبق له إلا الرجوع إلى ذويه وأهله ولهذا يطلب منه أن يبعث له بمال يمكنه من الرجوع إلى الوطن فجاء سيدي محمد بهذه الرسالة إلى الشيخ البوزيدي قائلا له: "سأبيع الفرس وأبعث بثمنها إلى سيدي الطيب ليعود إلينا", فرد عليه الشيخ: "لا تفعل والطيب سيعود الله به سالما!". ثم يروى سيدي الطيب لأهله ما جرى له بمدينة طنجة فقال : فبينما أنا في المسجد الذي أطلب فيه العلم حتى قوي عزمي كأنما قوة تجذبني إلى زيارة ميناء مدينة طنجة, فبينما أنا أتجول فإذا بي أسمع صوتا يناديني: "يا الطيب! يا الطيب!", فلما التفت رأيت رجلا متكئا على كرسي طويل بالزَّي التركي فسألني عن نسبي فقلت من أبناء سيدي بوزيد ثم سألني مرة ثانية أو تريد أن تذهب إلى مدينة وهران فأجبته بالإيجاب كدت لا أصدق هل أنا في يقظة أم في المنام فرد علي: "إن السفينة قد ذهبت إلى مدينة وهران وستعود يوم الأربعاء وستسافر عليها إلى وطنك إن شاه الله", فرجعت إلى المسجد مبتهجا مسرورا حامدا الله وشاكرا له على هذه الملاقاة بهذا الرجل الكريم. فرجعت إلى الميناء مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء, فوجدت نفس الرجل على هيئته فقال لي: "يا لطيب لقد وعدتك يوم الأربعاء فما أعجلك؟", فقلت: "يا سيدي والله خشيت أن أتأخر عن الموعد وتذهب السفينة وأتخلف عنها", فأخذ بيدي وذهب بي إلى الخبَّاز واشترى لي خبزتن كبيرتين وذهب بي إلى تاجر آخر واشترى لي عسلا وزبدة وذهب بي إلى صانع الشاي فأمره ودفع له الأجرة مسبقا حتى قلت يكفي وأعد لي مكانا أنام فيه, وفي صبيحة الأربعاء عند الضحى وجدت نفس الرجل يتفاوض مع قائد الباخرة فدفع له الثمن وقال له: "خذ هذا إلى مدينة وهران", فأخذت متاعي وصعدت على مدرج الباخرة وأنا مغمور بالفرحة لم ألتفت إلى السيد الكريم فأشكره على صنعه الجميل فنادني: "يا الطيب نسبك نسبي!", ولكن رست بنا الباخرة في ميناء الغزوات وكنت أظنها وهران فنزلت بها مسرعا نتيجة فرحتي بالوصول إلى وطني. فلما وصل وقص القصة التي وقعت بينه وبين الذي تحمل عنه مصاريف السفر قال سيدي محمد لأخيه الطيب: "ذلك الرجل الكريم هو سيدي الشيخ محمد بن الحبيب البوزيدي جزاه الله خيرا على هذا الصنيع الجميل فحينما أردت أن أبيع الفرس وأبعث بثمنها إليك, أمرني أن لا أفعل قائلا "الطيب سيعود الله به سالما!".
ومن كراماته الجلالية أنه وقف أمامه رجل في السوق على مرأى ومسمع من الناس والشخص يعرف بأنه مقدم لشيخ من مشايخ التبرك يكن العداوة والبغضاء للشيخ البوزيدي وتكلم معه بكلام فاحش وقبيح ثم بصق على وجهه الشريف فما كان من الشيخ إلا أن مسح وجهه وانصرف, فما مضت إلا ليلة واحدة حتى ابتلى الله ذاك الظالم لنفسه بسرطان في وجهه وفي نفس الموضع من الوجه التي وقع فيه البصق فلم ينفعه أي علاج حتى مات وصورته مشوهة. و من كراماته الجلالية كذلك, أن رجلا من كبار التجار بالسويقة بحي تجديت, كلما مر عليه الشيخ البوزيدي وعلى حين غفلة من أمره يرميه ذاك الرجل بالمفرقعات فحينما تنفجر يذكر الشيخ الاسم الأعظم "الله" فيعجب المستهزئ هذا المنظر ويسليه ويقهقه ضاحكا مستهزئا بالشيخ, والشيخ لم يقل له شيئا ولم يرد عليه ولو بكلمة واحدة، وفي آخر مرة وقعت مثل هذه الواقعة بالنهار واحترق متجره بالليل ولم يبق له شيء, عافنا الله والمسلمين أجمعين من الأذى المباشر والغير المباشر لعباده الصالحين. وأما الكرامات التي وقعت بعد انتقاله إلى الآخرة إلى جوار ربه فهي لا تحصر وإنما نقتصر على ذكر واحدة منها، وهي ما ذكره سيدي الحاج أحمد بن إسماعيل الذي كان من كبار التجار من مدينة مستغانم وله دكاكين ومخازن للبضاعة التجارية ففي ليلة من الليالي جاءت جماعة من اللصوص قاصدين المخزن المطمر ولما وقفوا عند باب المخزن وحاولوا أن يفتحوه انفتح الباب على مصراعيه وظهرت للصوص صورة الشيخ سيدي محمد بن الحبيب البوزيدي على هيئته المعروفة وهو يعاتبهم قائلا: "ألا تتقوا الله, أتخدعون أخاكم؟" وكررها ثلاثة مرات, عندئذ استحى اللصوص وأغلقوا الباب وانصرفوا وفي صباح الغد ذهب رئيس جماعة اللصوص إلى سيدي الحاج أحمد بن إسماعيل وبعدما سلم عليه وأثناء الحديث الذي جرى بينهما قال رئيس اللصوص: "أبشرك إن أمنتني", فقال له سيدي أحمد: "عليك الأمان التام"، فرد عليه رئيس اللصوص: "نعم الشيخ شيخك فهو حريص عليك وعلى متاعك في الممات كما كان في الحياة" وقص عليه القصة فرد عليه سيدي أحمد بن إسماعيل بقول اله تعالى: "الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله, صدق الله العظيم", ثم قسم بالله: "ما شككت في أمر شيخي بأنه محمدي رباني.